«ديونى وحادثة جوزى حولتني لراجل.. بشتغل فى المعمار وبينادوني بـ"بكار".. بعت كليتي بـ25 ألف جنيه علشان أعلم العيال».. هكذا تحدثت «بهية»، ابنة بنى سويف، التى تخلت عن أنوثتها من أجل «لقمة العيش» بعد أن تعرض زوجها لحادث أبعده عن العمل، ما اضطرها للخروج للعمل فى العديد من المهن التى تصعب على قريناتها، من بينها سائقة تروسيكل وعاملة بناء، من أجل توفير عيشة كريمة لزوجها وأبنائها.
"صدى البلد" انتقل إلى قرية «الشيخ علي» ببياض العرب شرق النيل ببني سويف، ومع أول سؤال عن "بهية" عرفنا من الوهلة الأولى مدى شهرتها بالمنطقة، فالشباب قالوا: "تقصد بكار بتاع المعمار"، والسيدات قلن: "أيوة الست اللى اتقلبت راجل"، أما الأطفال فقالوا: "إنت عايز بهية بكار بتاع التوك توك؟".
كل هذه الإجابات كانت دليلًا على مدى شهرتها بالمنطقة، وكانت هذه الفئات المجتمعية والعمرية المختلفة تسعى لمساعدتنا فى الوصول لـ"بهية" ظنًا منهم أننا "فاعلو خير" من مندوبي الجمعيات الأهلية، ونرغب فى مساعدتها، وتطوع شابان يستقلان دراجة نارية لمساعدتنا للوصول إليها، إلى أن تحقق هدفنا لنجد أمامنا "رجلًا كامل الهيئة الشبابية يرتدي ثوبًا أبيض، وشعره قصير، وابتسامة رجولية تخرج من شفتيها صوتًا يبدو نسائيًا "تعالى يا بيه أنا بهية.. اتفضل".
فى البداية؛ ظللت لدقائق فى حالة ذهول، لا أدري ماذا أقول وعن أى شيء أتحدث، إلى أن خرج السؤال الروتيني كبداية لفتح حوار يبدو صعبًا قلت لها "اسمك إيه؟"، لتخرج كلماتها مترتبة وواثقة وجاهزة لأى استفسار، قائلةً: "اسمي بهية على سليمان، 32 سنة، ربة منزل، مقيمة بالشيخ على، بياض العرب، شرق النيل ببني سويف، تزوجت من حمدي سالم أحمد، 48 سنة، منذ 15 عامًا، كان له 3 بنات، بينهم بنتان متزوجتان، ورزقنا الله بـ3 أبناء هم "محمد، 10 سنوات، ومحمود، 9 سنوات، وجنى، 3 سنوات، بالإضافة لطفلة صغيرة لقيت مصرعها منذ 5 سنوات، فى حادث اشتعال النيران بتوك توك كان يقوده والدها، ونتج عنه إصابته بضمور فى الذراعين وجلطة على المخ أصابته بـ"الخرس" الذى أقعده بالمنزل".
واستطردت: "فى يوم من الأيام، كنت أعمل مع بنَّاء بمنطقة إسكان "ابني بيتك"، وفوجئت به يحاول مغازلتي ولمسي والتحرش بي، فنهرته وعدت للعمل، ومنذ هذه اللحظة قررت أن أتخلى عن أنوثتي وأصبح شابًا مكتملًا لهيئة الرجال، أحضرت الحلاق للمنزل وحلقت شعري مثل الشباب، وبدأت فى ارتداء ملابسهم وغيرت من هيئتي تمامًا حتى أصبحت "بكار"، وهو الاسم الذى اخترته لنفسي ليناديني به الصنايعية فى الشغل أو زبائني بـ"التوك توك".
وأوضحت "بهية" أنها تخرج للعمل صباحًا مع صنايعية المعمار "بناء أو مبيض محارة"، لتعود فى نهاية النهار وتواصل العمل بـ"التوك توك" إلى منتصف الليل، حتى تتمكن من توفير حياة شبه آدمية لزوجها القعيد وأبنائها.
وتابعت: "أولادي خرجوا من المدرسة علشان الفلوس، وأسعى لإعادتهم، ومع نهاية اليوم أعود لزوجى وأحاول أن أعطه حقه الشرعي، وأن أظهر أمامه كزوجة مكتملة الأنوثة، لكن تعب اليوم بيمنعني وبترمي على الأرض محسش بالدنيا".
وقالت: "على الرغم من ذلك إلا أن الديون تراكمت علي، ما اضطرني لبيع "كليتي" بأحد المستشفيات الخاصة بالقاهرة بـ25 ألف جنيه لأسدد هذه الديون وأحسن معيشة أبنائي، ولكن مع مرور الوقت تراكمت الديون مرة أخرى، وعجزت عن سدادها، خاصة بعد أن احتجز رجال المرور "التوك توك"، وحاجتي لـ3 آلاف جنيه لإنهاء إجراءات إخراجه، بالإضافة لـ6 آلاف جنيه ديونا تراكمت علي بسبب توقفى عن العمل لشعورى بالتعب بعد أن طغت علي طبيعيتي "الأنثوية"، فكنت أحيانًا أشعر بالتعب وأترك العمل لأعود للمنزل، فكرت مرة أخرى أن أبيع "فص كبد"، ولكن الأطباء منعوني "قالولى هتموتي".
واستغاثت "بهية" بالرئيس عبد الفتاح السيسي، لمساندة الأسرة والأطفال الصغار قائلة: "مش عارفين نعيش العيال"، وطلبت من رجال الخير التدخل لإنقاذ هذه الأسرة وتحقيق أمانيها البسيطة المتمثلة فى سداد ديوانها، وتوفير مشروع تكسب منه رزقها ويتماشى مع طبيعيتها كأنثى، لتوفير حياة كريمة لأطفالها وتأهيل منزلها ليكون مؤهلًا لحياة آدمية، مؤكدة أنه إذا تحققت أمنياتها وأحلامها بتحسين معيشة أبنائها ستعود طبيعتها الأنثوية "ساعتها هرجع زي ماربنا خلقني"